قصص قصيرة جدا
الدكتورمصطفى يعلى
مــفـارقـــة :
كان الأصدقاء يتضاحكون بصوت عال، بينما كان هو يفكر
بصوت صامت، هل يخبرهم بأنه سيدخل غدا المصحة من أجل إنجاز الفحوص والتحاليل والأشعة،
وبعد ذلك إجراء العملية، ثم يمتد العلاج الكيميائي سنوات؟. لم يقل شيئا. وانخرط معهم
في الضحك بصوت عال.
العين السحرية :
أشعرته شياطين شكوكه، بأقدام تخطو بحذر في الممر
خطوات كتيمة. لذا أغوته موهبته التجسسية، بالقفز فورا إلى العين السحرية الضيقة، التي
تقبع وسط الباب في إغراء ملحاح، لينظر من خلالها بانتباه قط. فغالبا ما يكون جاره الأعزب،
أو جارته، أو زوجها. جحظت عينه، بينما كان أنفه يتنسم عبق عطر أنثوي قوي، يتسرب من
شق أسفل الباب. كانت الجارة متبرجة كما لو كانت ذاهبة إلى عرس، تدلف على أطراف أقدامها
إلى شقة الجار الأعزب.
جـنـــــــــون :
هرول الطفل تجاه أبيه متصايحا : بابا، بابا... مجنون..
مجنون بباب بيتنا. أطل الأب، فألفى شابا ليس عليه مخايل الجنون، وإن كان متوترا إلى
حد يثير الإشفاق. كان يذرع الزقاق ذهابا وإيابا، وهو يلقلق، ويلوح بيمناه في الهواء.
كان يتحدث في الهاتف المحمول.
عـجـــــز:
شرع يقرأ مقدمة المؤلف : إن كيمياء الحداثة الشعرية،
التي تتعمق حفريا هرمنوطيقية التلفظ النصي، هي بويطيقا سيميوطيقية استراتيجيا، منزاحة
تجنيسيا نحو أكوستيكية الإيقاع الأرسطي المركبة من أضرب الاشتقاق اللساني.... أغلق
الكتاب، ولم يعد إليه أبدا.
إعـجــــاب :
كان مفتونا بالكاتب الشهير. يتلقف أفكاره الجريئة
بتعلق صوفي. وبإقبال جائع يلتهم كل ما ينتجه من إبداع. يتقصى أخباره. يحضر لقاءاته
الثقافية. يطلع على حواراته في الصحافة، ويسمعها في الإذاعات، ويتابعها على شاشات التلفزيون.
ولا يكف عن تمجيده والتحمس له في جلسات أصدقائه ومناقشاتهم. وذات لقاء ثقافي، أتيحت
له فرصة مجالسته، وتبادل الحديث معه. فوجده أتفه من عود كبريت احترق فسفوره.
0 التعليقات:
إرسال تعليق