الجدب القاصة سعاد محمود
الأمين
الرياح تعزف كالقيثارة
ترسل صفيرا مموسقا، عند عبورها خلال تقوب النافذة
الخشبية الضيقة. الكوخ يهتز كمن يرقص فاقدا إيقاعه تدفعه الرياح، تكاد تقتلعة كالشجرة
التي أمامه..حينها نامت النجوم فجأة وعمت الحلكة..تحسس خطاه خارجا ينادى ابنه:
ــ ياطاهر أين أنت؟
تصفعه الريح الماجنة
فيرتد داخلا وقد تملكه الذعر..:
ــ أين ذهب وتركنى وحيدا هنا..
ــ هل كنت نائما...لالا
هذه الرياح توقظ أكثر
المتفانين نوما،تذكر كيف كان يشعر بان ابنه ضجرٌ..من الحياة معه
ــ هل هرب.. ابن اللعينه؟
يواجه الظلام وعبث الرياح
وهو مستغرق فى كيانه يفكر،..نفذت إلي خياشيمه..روائح ونشيش لحم فى مقلاة من الكوخ المجاور،
عندئذ دب على الأرض بخطى وئيدة نحوه، فرأى الأرملة الطروبة. تجالس أطفالها، وقد أشعلت
شمعة ضخمة تلوح بشعلتها فتضئ المكان،رأته فهرعت
نحوه تساعده، دعته للجلوس معهم حتى تتبين الرؤيا
وتنجلى العاصفة.
التف الصغار حوله يداعبونه...
والأرملة تعد الطعام..سألها حذرا:
ــ هل رأيت بني طاهر؟
ترددت هنيهة تم أردفت
لقد غادر وقال لايريد العودة وطلب مني أن أبلغك بقراره.
أنهار الأب وانخرطت
فى البكاء :
ــ كيف يتركني وحيد
وفى هذا الجو العاصف.. ياله من جاحد.. ليتني تزوجت بعد وفاة أمه.
ربتت الأرملة على كتفة
فى حنو بالغ طمأنته:
ـــ لاعليك.. أبقى معنا
الناس بالناس لن نتركك..
ــ لقد ضحيت من أجله..ياله
من عاق
ــ سنضحي نحن من أجلك..
نحتاجك فى حياتنا.
راقت له فكرة العيش
معها صارت زوجته. حين هدأت الرياح كان الصباح مزق ستر الليل..تسللت خيوط الشمس من النافذة..يد
حانية توقظه..يقبض علي اليد ويوسعها قبلا لها صوت..ويردد لحنا خافتا.
ـــ أبتاه مابك؟ تغني؟!
ــ مسحت الرياح أحزاني..يا
ابني أين كنت حين عصفت؟
ضحك طاهر وقبل جبين
أبيه وهمس له:
ــ لم أبرح الدار..عن
أي رياح تتحدث!؟
0 التعليقات:
إرسال تعليق