الثلاثاء، 11 مارس 2014

القاص محمد الجباري يعود بأشواقه المهاجرة إلى مدينة القصر الكبير :محمد كماشين


أشواق مهاجرة " منجز قصصي للقاص المغربي المقيم بالديارالهولندية  محمد الجباري ،   كان موضوع لقاء نقدي بدار الثقافة بالقصر الكبير مساء السبت  15 فبراير 2014 ، واحتضان من طرف فرع اتحاد كتاب المغرب بنفس المدينة في سياق أنشطة الموسم الثقافي 2013 /2014 .
الباحث المبدع عبد الإله المويسي في كلمته بسط السياق الثقافي لمبادرة الاحتفاء ، خاصة وأن صاحب " أشواق مهاجرة " من الوجوه التي ساهمت في بناء صرح جمعيات ثقافية كرست حضورها الثقافي عبر ملتقيات وازنة ، كما أنه ومن خلال 20 سنة خط لنفسه مسارا ثقافيا جعل فرع الاتحاد ينخرط في مبادرة تقديم المجموعة القصصية من خلال نقد ثقافي يصنف المجموعة بخانة الكتابة المهاجرة، لكاتب هرب معه أشواقه التي تشكلت وجدانيا وعاطفيا مما أعطى للهجرة معنى انزياحيا اقترن بشخصية الكاتب .
الأستاذ "عبد الإله المويسي "  عرج على مسار فن القصة القصيرة :  النشأة والتطور، حيث أشار  لنصوص الاتجاه الكلاسيكي فالتجريبي، وأن تجربة محمد الجباري تعيد الاعتبار للمكونات الأساسية في القصة  من حكاية  ولغة .
ماذا اقترحت أشواق مهاجرة ؟؟ عوالم جديدة ،فضاءات الأمكنة ،وتقابل ذهني مع مجموعة من القيم بلغة عربية تفاعلت مع أسلوبية لغات أخرى ...
الأستاذة " سعاد الطود " عرضت للجذور الأولى للقصة بتاريخنا الأدبي العربي وإرهاصاتها الجنينية  لتخلص أن هذا الفن  المحدث  باستطاعته تحقيق المتعة الجمالية ،، معتبرة عتبة العنوان تبوح بمكنونات النص ،لتقوم بذلك بقراءة في لوحة الغلاف،  فالإهداء المخصص للأب، الأم ، فالإخوة  وهي مجموعة أحاسيس ارتسمت في وجدان القاص محمد الجباري.
"أشواق مهاجرة" - تضيف الأستاذة سعاد الطود -   تتضمن عشرين نصا بطبيعة قصة قصيرة ،أربع منها بمعايير القصة القصيرة جدا ذات التكثيف واكتظاظ المعاني وتوليد الدهشة ، برؤية سردية مصاحبة من الداخل : الوطن ، المهجر وتجارب عاطفية متنوعة ....
الأستاذ محمد الجباري تمنى أن تكون مجموعته القصصية إغناءا  للخزانة الثقافية القصرية بمشترك الأحاسيس ، معلنا أن المجموعة ليست بسيرة ذاتية وإنما عملا يعتمد الخيال ، واستعمال الحد الأدنى للغة ، بتجربة تتعدى الشخصية والذاتية لفضاء رحب من الخيال ...
الشاعرة " أمينة الصيباري"   تفحصت أشواق محمد الجباري برؤية سينمائية تقف عند التفاصيل ،،ولغة تتخطى الإطناب إلى لغة مرئية .
حفل التوقيع عرف تقديم هدية من طرف فرع اتحاد كتاب المغرب بالقصر الكبير وأخرى من طرف البوابة الإخبارية القصر فوروم ....ومتابعة وازنة من طرف جمهور من عشاق الكلمة ....
**********************************************************
أشواق مهاجرة قراءة نقدية سعاد الطود

أشكر الإخوة في فرع اتحاد كتاب المغرب بالقصر الكبير الذين أتاحوا لي فرصة قراءة المجموعة القصصية للأستاذ محمد الجباري. التي كنت قد اطلعت عليها بشكل متقطع و عابر من خلال النصوص التي كان يتحفنا بها على جداره عبر الوسيط التواصلي الفيسبوك، كانت هذه النصوص تنتزع إعجابي وتولد في المتعة والدهشة. وقد جاء هذا التكليف يلبي رغبة دفينة ولدها هذا العمل الأدبي بدواخلي، وعندما وجه إليَّ الدعوة الأستاذ المحترم عبد الإله المويسي بهذا الخصوص لم أتردد. إن هذا العمل الإبداعي أجبرني بطلاوته و تقنياته السردية على التفاعل معه بصوت داخلي. وهأناذي الآن أواجهه في العلن وأقرأه بصوت مرتفع. نحن إذن بصدد قراءة نص إبداعي ينتمي لجنس القصة القصيرة. هذا الجنس الأدبي رغم حداثته، هناك من يراه ضاربا في عمق التاريخ. ويرى له بعض مؤرخي الأدب جذورا عربية في النادرة والحكاية الشعبية، وقصص الحيوان والقصص الفلسفية، وما تجلى مبكرا على شكل مجموعات قصصية كالبخلاء للجاحظ، وك"الفرج عند الشدة" للتنوخي ومصارع العشاق لابن سراج، كما أن شكل المقامات لبديع الزمان الهمذاني وابن دريد يوحي بأنها كانت من الإرهاصات الأولى لظهور القصة القصيرة. بينما يرى البعض الآخر أن أول ظهور للقصة القصيرة كان في روما القرن الرابع عشر، حيث كان يتردد على الفاتيكان نخبة من رجال البابا يتسامرون ويقصون حكايات مخترعة مما جعل كثيرا من أهالي روما يترددون على تلك الغرفة التي سميت حينها بغرفة الأكاذيب. ومع كل ذلك يكاد يحصل الإجماع على أن القصة القصيرة جنس أدبي محدث ويرى البعض أن إدكار الان بور هو أبو القصة القصيرة الإبداع الذي نحتفي به اليوم ونكرم صاحبه محمد الجباري، ينتمي إلى جنس القصة القصيرة. بمجرد أن أتم المؤلف عمله بوضع نقطة النهاية بعد آخر كلمة، أصبح هذا النص الأدبي الذي بين أيدينا موجودا وجودا افتراضيا إن صح هذا التعبير، ذلك لأن نظرية التلقي ترى أن التحقق الفني لهذا النص قد صنعه المؤلف، إلا أن ذلك يظل حبيس الصفحات، إلى أن تجلوه قراءة ما، حينما يصبح موضوعا لإدراك القارئ الذي يمنحه تحققه الجمالي بواسطة الإمكانيات الإستيطيقية التي يمتلكها، فيكون التلقي مضيفا للنص أو باعثا لكثير من الجوانب فيه، في ارتباط بفرضيات القراءة من جهة، و من جهة أخرى بمسارات التأويل. على أن القراءة لا تنحصر في حدود ما يتيحه النص مباشرة كما أراده المؤلف، وقد يتجاوزه إلى حد إعادة النظر في الجنس الأدبي، وهو في حالتنا هذه، جنس القصة القصيرة إذن لنقارب هذا النص الجميل، بدءا من أولى العتبات: العنوان. وهو عنوان من النوع الذي يبوح لك بمكنونات النص، ويستقطب انتباهك لتدرك رسالة المبدع، حتى تكتمل حلقة التواصل التفاعلي بين أضلاع المثلث: المبدع – النص – المتلقي. هذا العنوان جملة اسمية من مبتدإ مُقَدَّر وخبر مركب من نعت ومنعوت: أشواق مهاجرة. يحيلنا هذا العنوان، من جهة إلى الشوق كعاطفة مكثفة متكاثرة ملحة، تستدعي مشاعر القارئ إلى الانخراط في اللعبة النصية بشحنة عاطفية ووجدانية تحرك المشاعر الإنسانية لدى القارئ، من جهة أخرى يأتي معنى الهجرة، وفي هذا المعنى ما يستنهض عندنا أحاسيس المتعة التي تفرزها فينا كيمياء الشعر، ومفاهيم طبعت مخيالنا الأدبي منذ القدم، بما خلفته فينا قصائد النسيب من رقيق المشاعر ولطيفها حين ذرف الدموعَ على القرطاس مجنونُ ليلى وكثير عزة وغيرهما، وحين أبدع الشعراء ألطف الصياغات الشعرية في الهجر والبعد عن الأحبة والتوق إلى لحظات الوصل والوصال. على الغلاف تطالعنا لوحة تمثل امرأة ساهمة كأنما أضناه البعد و النوى. يأتينا بعد ذلك الإهداء الصاخب و الهادر بتباريح الشوق والتوق إلى ظل الأب الذي طوت صفحتَه يد المنون، وإلى المرحومة الوالدة التي ارتسمت صورتها عميقة في وجدان القاص، والإخوة الذين يشكلون منارات للاهتداء، في يم الحياة المتلاطم موجُها، فيما بين ديار الأحبة وقسوة المهجر لتكتمل لوحة رسمتها الكلمات محتفية بالقابع في أغوار النفس المبدعة من حنين. يقدم لنا السي محمد الجباري عمله الأدبي على أنه مجموعة قصصية في الصفحة الأولى من الكتاب، وإذا قلبنا صفحاته الموالية وجدنا عشرين نصا جلها ينتمي إلى جنس القصة القصيرة، بينما نجد بينها أربعة من القصص : ابنة الوزير- على قارب البحر- ياسمين - لقاء عابر ،نصوص أربعة تستجيب لمعايير القصة القصيرة جدا. أهم هذه المعايير القصر الشديد الواضح جدا، والاختصار مع عدم إشعار القارئ بنقص يتطلب إضافة تكتمل بها الصورة أو الرؤية، وهي نصوص بها ما يكفي من تكثيف واكتظاظ بالمعاني، تعتمد الجمل القصيرة الخفيفة الموحية في غير إطناب في الشرح. تمتعك عندما تكسر أفق انتظارك الذي يتعمد السارد بناءه من أول كلمة. كما أنها تستجيب لمعايير لويس بيريز أليناريس الذي حدد مميزات ق.ق.ج في الارتباط الشديد بين العنوان والحبكة النهائية وفي عدم التوسع في الشرح، وتنوع النهايات، وكونها تولد الدهشة. هذا و قد اعتمد المبدع محمد الجباري في نصوصه جميعها على الرؤية السردية المصاحبة منذ النص الأول، فالسارد لا يعرف شيئا عن الشخصية، ولا يقدم أي تفسير قبل أن تصل الشخصية بنفسها إليه. وأحيانا أخرى يعتمد على الرؤية من الخارج فالسارد إضافة إلى ما ذكرت، لا يستطيع النفاذ إلى ضمير الشخصية وخباياها. وهو يبدو للقارئ وكأنه مندهش ومنبهر بالنهاية التي لم تكن كل المؤشرات السردية تدل عليها. وهكذا استطاع المبدع محمد الجباري أن يمتعنا بنصوص تمتح من الواقع الاجتماعي، تارة في فضاءاتنا الوطنية، وبأخرى في هولاندا مهجره الاختياري. هكذا استطاع المبدع محمد الجباري أن يتيح لنا الخوض في تجارب عاطفية متنوعة بعدد النصوص في المجموعة، وسمح لنا بمشاركة شخوصه في أفراحهم وآلامهم وحساسياتهم مشاركة وجدانية، بما لديه من خبرة و من روح مرحة تجعلك تبتسم لمشاهد قد يطبعها شيء من ألمٍ أو حيرة.استعمل تقنية تقديم أحداث على أخرى في زمن القصة ليصنع دهشة القارئ و يفاجئه بما لم يكن منتظرا. مثل ما جاء في قصة القدر وفي المشهد المرعب والابتسامة الكاذبة وغيرها من النصوص التي جعل لها ساردا متمرسا بفنون الحكي ختاما أهنئ المبدع محمد الجباري الذي أتحفنا بأولى بنات فكره، أتمنى له التوفيق في مساره الإبداعي، كما أرجو أن لا أكون قد أطنبت وأطلت، وأعتذر للمنظمين إن كان الأمر غير ذلك، وأتمنى أن تكون ورقتي هذه في مستوى الإبداع الجميل الذي أتحفنا به المبدع الودود السي محمد الجباري وشكرا لكم أيها الحضور على حسن الاستماع.
نص قصصي للمبدع محمد الجباري:
اه ... ابنتي
وقف ينظر إلى نفسه في المرآة، اكتشف أن شعره أشعت ولحيته قد تدلت بطريقة عشوائية مقززة، شاربه الذي يغطي شفته العليا أصبح يميل إلى الاصفرار من كثرة التبغ الرخيص الذي لا يفارق شفتيه، عيناه شاحبتان و غائرتان، لم يدر متى وقف هكذا أمام المرآة آخر مرة، قد يكون منذ أسابيع أو شهور! حالة الكآبة التي تبدو على وجهه لم تكن تعكس الفرح الذي في داخله، كان يشعر كأنه يولد من جديد، ينبعث من جديد... عندما رن هاتفه قبل قليل وسمع صوتها تعرف عليه بسرعة كأنها لم تغب عنه كل هذه السنين، كان في صوتها بحة فرنسية جميلة، لم تدم المكالمة سوى دقائق قليلة لكنها كانت كفيلة أن تغير كل حياته! أخبرته أنها بخير وطفلتهما قد كبرت وهي الآن تلميذة نشيطة تذهب إلى المدرسة وقد احتفلت الأسبوع الماضي بعيد ميلادها الخامس... هو لم يقل شيئا كان فقط يريد أن يستمع إليها، كانت صوفيا تريد أن تختصر حكايات كل السنين في تلك الدقائق القليلة، وجد نفسه يقاطعها ويقول متوسلا، بصوت منكسر: - ممكن أن أراك و أرى طفلتي؟ - نعم حبيبي، هذه المرة لن يفرقنا أحد، أبي لم يعد بمقدوره أن يقف أمام مستقبلنا، لقد ترك قصره الباريسي الذي سجنني فيه وثروته وأملاكه إلى غرفة في إحدى المصحات وجد نفسه مرة أخرى يقاطعها متوسلا وبصوت منكسر: - ممكن أن أراك و أرى طفلتي؟ - نعم زوجي، لقد وصلت بالأمس إلى هولندا لنظل معا طول العمر... أتذكر عزيزي عمر عندما كنت حاملا بطفلتنا وكنا نذهب إلى مدرسة القرية خارج المدينة، نجلس فوق التل، نتفرج على الأطفال يلعبون ونتخيل أن طفلتنا بينهم ، لقد سجلت ابنتنا في تلك المدرسة، ما رأيك عزيزي أن نلتقي هناك في الساعة الرابعة وقت خروج التلاميذ؟ كان عمر واقفا أمام المرآة وهو يعيد شريط ذكرياته السابقة، حين التقى صوفيا في احدى مدرجات الجامعة بأمستردام ومنذ اللحظة الأولى شعرا أنهما خُلقا لبعض، قررا أن يتزوجا رغم معارضة والد صوفيا الذي لم يستوعب تزويج ابنته ووريثته الوحيدة لعربي ذي بشرة داكنة! ذهب عمر إلى المغرب لزيارة والدته المريضة وعند رجوعه كانت صوفيا قد اختفت من الوجود، أخذها والدها عندما علم أنها حامل وحبسها في أحد قصوره الباريسية... طوال هذه السنين لم يتخل عمر عن هاتفه الصغير، كان يراوده الاحساس أنها قد تتصل به يوما.. وجد نفسه مرة أخرى ينظر إلى وجهه في المرآة، شعر بمدى إهماله لنفسه، أخذ مقصا وموسى حلاقة وبدأ في ترتيب حالة شعره ولحيته وهو يقول ضاحكا: - لو ذهبت هكذا حتما لن تتعرف علي صوفيا أما الطفلة فقد تصاب بالخوف من هذا الغول... وجد أن ثيابه بالية ممزقة لا تليق بهذا اللقاء، فتح حقيبة كانت تحت السرير، أخرج منها بذلة زرقاء وقميصا أبيض كان قد لبسهما يوم عقد قرانه بصوفيا... كانت الدقائق تمر بطيئة، نظر ربما للمرة المائة إلى ساعة هاتفه، شعر كأن الوقت لا يتحرك! خرج من بيته الصغير، ركب دراجته وتوجه خارج المدينة، وجد نفسه قرب المدرسة، صعد التل، أصبحت كل المدرسة مكشوفة أمام عينيه، كان من الصعب أن يتحكم في مشاعره وإحساسه، شعر كأنه قريب منها لا يفصله عن ابنته التي لم يرها قط إلا خطوات... وجد نفسه يناجيها: - لن أتركك بعد اليوم صغيرتي، سوف نعوض كل الحرمان، نتسلى معا كل الوقت... نركض، نقفز ونلعب وعندما تشعرين بالتعب صغيرتي، اصعدي إلى ظهر الحصان... أنا حصانك الذي يعشقك... في الليل قبل أن تنامي سوف احكي لك كل الحكايات الجميلة، ستعجبك قصصي وتطلبي مني المزيد، لكن صوفيا والدتك تريدك أن تنامي باكرا، سوف نتوسل لها أنا وأنت من أجل حدوثة أخيرة... تسمعينها وتنامين كالملاك شاهد أن الأطفال يخرجون إلى الساحة، درجة انفعاله وشوقه وحنينه وصلت إلى الحد الأقصى، وجد نفسه يبحث بلهفة عنها بين كل تلك الوجوه الصغيرة، يناجيها مرة أخرى: - أكيد سوف أتعرف عليك صغيرتي... الدم الذي يجري في شرايينك الصغيرة من هذا الدم الذي في جسدي... فقط إحساسي هو من سيقودني إليك... من حيث لا تدري صغيرتي روحك تشعر الآن بوجودي بقربي وحتما سوف تناديني... أستطيع أن أميزك ولو كنت بين آلاف الوجوه! كانت عيناه مشرعتان تتحركان بسرعة تجوبان كل محيط المدرسة وفجأة رآها، إنها هناك تلعب.. اختلطت ضحكته ببكائه وهو ينظر إليها، وجد نفسه ينزل جريا من التل، يقترب من سياج المدرسة أصبحت أكثر قربا منه - آه كم هي جميلة، تشبه صوفيا، شعرها الأشقر، أنفها الصغير وخوختان تزينان خديها عندما تضحك، أما عيناها العسليتان فهما لي، تشبهان عيني، أكيد أن صوفيا كانت سعيدة، أكثر شيء كانت تعشقه هما لون عيوني العسلية... بدأ الآباء يتوافدون إلى المدرسة، لم تأت صوفيا بعد، بدا القلق واضحا عليه وعلى تعابير وجهه، أخذ يبحث عنها بين وجوه الآباء القادمين إلى المدرسة، لم تكن بينهم! يخاطب نفسه بمرارة وحزن كبيرين - ترى من أخرها؟ أرجوك صوفيا دعيني أراك... لم أعد أحتمل... ارحمي هذا القلب، ارحميني... لا أستطيع الانتظار عاد مرة أخرى يبحث عن ابنته في الساحة، لم تكن هناك، كأن الأرض انشقت وبلعتها، وجد نفسه داخل ساحة المدرسة، كان في حالة هستيرية تدعو إلى كثير من الشفقة، رأته المديرة، أخذت بيده وأدخلته الإدارة، قدمت له كوب ماء وأجلسته حتى يهدأ - ما بك سيدي، ممكن أن أساعدك؟ - نعم، أبحث عن ابنتي، رأيتها قبل قليل هنا تلعب في الساحة - طيب ما اسمها؟ تلعثم عمر قبل أن يجيب - عندما هاتفتني والدتها لم تخبرني عن اسم ابنتي... و أنا لم أسألها... يوم علمنا أن صوفيا زوجتي حاملا بطفلة كان ذلك في شهر أبريل، اتفقنا ساعتها أن نسميها نيروز يعني فصل الربيع... نعم ابنتي اسمها نيروز - ابتسم وهو يمسح دموعه - ابنتي اسمها نيروز، فصل الربيع! أخذت المديرة سجل التلاميذ، لم تجد الاسم ضمن اللائحة - آسفة سيدي لا يوجد هذا الاسم في مدرستي! أشفقت عليه كثيرا مديرة المدرسة وهو يبكي كطفل صغير، أخذت هاتفه من جيب معطفه، لعلها تستطيع الحديث مع أحد من معارفه ليأتي فيأخذه إلى المنزل، لم يكن في مذكرة الهاتف إلا رقما واحدا لامرأة تسمى ماريا - ألو من معي؟ - أنا الدكتورة ماريا - أهلا الدكتورة، أكلمك من مدرسة القرية، معي السيد عمر هل تعرفينه؟ - آه، يا إلهي... هل عادت له الحالة من جديد؟ كنت قد نصحته أن لا يوقف الدواء - ماذا تعني دكتورة؟ - زوجة السيد عمر كانت قد ماتت على اثر حادثة سير، كانت حاملا في شهرها السابع، والدها الفرنسي الاصل أصر أن تدفن في بلدته... عمر كان مسافرا وعندما عاد لم يجدها، ومن يومها دخل السيد عمر في أزمة نفسية حادة يُخيل إليه أشياء غريبة... المهم حاولي أن ترفقي به سوف تصل سيارة المستشفى عما قريب...



0 التعليقات:

إرسال تعليق

 http://www.middle-east-online.com/?id=261035













 http://middle-east-online.com/?id=260883

Sample Video Widget